قوة الكلمات في تشكيل واقعنا

شارك :

الحياة كلمة

قوة الكلمات في تشكيل واقعنا

ملايين الكلمات نتلفظ بها ونسمعها، ولا ندري حقًا حجم تأثيرها، على عقولنا ونفوسنا، وعلى تشكيل وعينا، وعلى مصيرنا في الآخرة.

حياتنا تتشكل وفق أفكارنا، وأفكارنا تتأثر بالكلمات، كلمات الآخرين، وكلماتنا نحن لأنفسنا أيضًا.

نحن في الغالب لا نكف عن الحديث الداخلي، بل يقال أن النفس كالطاحونة لا تتوقف عن الثرثرة، وهذه الكلمات الداخية يجب أن نحسنها، فيكون حديثنا الذاتي مليئا بالثقة بالله، والتفاؤل، والعزم على الرشد، واحترام النفس.

وإذا تدبرنا قول الله تعالى {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن} أدركنا أننا قد  نعاني من تأثير كلمات قد يواجهنا البعض بها في علاقتنا معهم وتؤذي مشاعرنا، وتستفزنا حتى نجد أن الكلمات تتصارع لتخرج من أفواهنا لنرد بها فإذ بالتحذير الإلهي:{إن الشيطان ينزغ بينهم} فنحبس القول بداخلنا لنكون من عباد الرحمن الذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.

كلمات تصنع التاريخ

ـ حُق لأمة الهادي البشير صلى الله عليه وسلم، أن تنهل من سيرته العطرة لتتلمس كيف كان للكلمات التي صدرت من عمق الإيمان ويقين العقيدة أثرها في النصر بفضل الله، فها هو قبل بدء المعركة يقول: "والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم" فإذا بالنصر يلوح من الحق سبحانه ليحق الحق بكلماته.

لعلنا نحاول أن نلتقط  بعض اللمحات للاقتداء من هذا الموقف فها هو الحبيب يُرسخ في القلوب والأذهان كيف تُنتقى الكلمات وتُستخدم لتستخرج من المتلقي لها علو الهمة في اتخاذ المواقف والمبادرة بالتلبية وصياغتها بالكلمات المملؤة بالعزيمة والبذل فتسعده وتسعد من يسمعها.

الكلمة شفاء

السيرة النبوية ذاخرة بالعبر والدروس لإصلاح سريرة النفوس واستقرارها وطمانينتها، فبداية من تحية الإسلام التي هي السلام، وأمره صلى الله عليه وسلم:"أفشوا السلام بينكم".. وعندما أجريت حديثًا تجارب على بعض الاشخاص الذين يعانون من القلق والاضطراب فجعلوهم يرددون كلمة السلام[peace] وجد أن حالتهم تحسنت كثيرا، وهكذا هي الكلمات بتقدير الله تجرح وتضمد، تبني وتهدم، تقطع وتوصل.

الكلمة قوة

ولنتأمل هذا النموذج الشاب المسلم العربي السعودي المهندس الذي حقق حلمه وفاز في الجولة النهائية في مسابقة عالمية لفنون الخطابة  اقيمت في امريكا لعام( 2015) بفقرة بعنوان "الكلمة قوة" وقد حكى فيها أنه كان يعاني من التأتأة، فقد تأخر كلامه فلم ينطق بأولى كلماته إلا بعد بلوغه السادسة، وكان "أضحوكة المدرسة"، لكن الأمور تغيرت بعد أن قيّض الله له أستاذا نصحه بكلمات فارقة أصابت فيه إرادة التحدي قائلا: "واجه تحدث واخطب وناظر ولا تبالِ بمن يسخر فعما قليل  يصفقون لك". فيعلنها عالية أن للكلمات قوة عجيبة، فقد كانت البداية لتحول هذا الفتى إلى محاضر وخطيب فصيح.

ومما ينبغي التنبه له أن الله تعالى كما أمرنا بإحسان القول، أمرنا أيضًا بحسن الاستماع {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه}، فحسن الاستماع هو المفتاح للاستجابة الطيبة.

وتبقى كلماته صلى الله عليه وسلم محذرة مبشرة، تعلمنا كم للكمة من تأثير وأهمية، قال عليه الصلاة والسلام: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقى بها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط  الله لا يلقي لها بالا يهوى بها في جهنم".

فلنتخير أطيب الكلام، فالكلمة الطيبة صدقة، وهي كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.   
شارك :

ارتقاء

القوة

الواقع

لا تقرأ وترحل .. شارك قول رأيك

0 تعليقات: