رسائل متبادلة بين الحليب الصناعي والحليب الطبيعي!

شارك :


الرسالة الأولى:

عزيزي حليب الأم:

يا خفيف الوزن.. وثقيل الدم، لا أدري كيف تطيق البقاء.. وقد عَزَفَت عنك النساء؟! ارحل فما عُدتُ تُطاق.. من بعد أن غزوتُ قبلك الأسواق، تنافست في صنعي الشركات.. وسُجِّلت فيّ ماركات.. وتعددت مني النكهات، محفوظٌ في عُلَب.. جاهزٌ عند الطلب، خير غذاء للوليد.. مدعَّم بالفيتامينات والحديد، سهل الاستعمال.. قريب المنال.

ألم تعلم أنَّ المرأة لم تعد حبيسة في المنزل.. بل تخرج للعمل وللسوق تنزل، كما يهمُّها أن تحضر الحفلات.. والتي يُمنع فيها اصطحاب الأولاد والبنات..

ألا ترى أنَّنا في عصر النشاط والعمل.. وترك السكون والكسل؟!

أم تريد أن تترك النساء الوظيفة.. لقطرة من اللبن خفيفة؟!

ولذلك فقد أقْبَلَت على شرائي الأمهات.. من بعد أن حللتُ لهنَّ المشكلات.. وقضيت على المعضلات..

كما أنَّ الرضاعة الطبيعية.. أكبر عدو للمرأة العصرية، التي تهتم برشاقة القدود.. وتخشى ترهل النهود.. وما مضى من مجدك لن يعود.. فلا تحاول الصعود.. فلن تجد غير الصدود، فإياك أن تتطاول.. أو تطيل الجدال وتحاول، فالاعتراف بالحقّ خصلة كريمة.. فاعترف ـ خيرٌ لك ـ بشرِّ هزيمة.

***

الرسالة الثانية

الحمد لله القائل: { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ }. أما بعد:

فإن كان أحدٌ يحتاج إلى التعريف.. وجميل القول والتصريف.. فأنا غنيٌّ عن ثقيل ذلك والخفيف، نبع سماوي.. وغذاء إلهي، كامل التعقيم.. جاهز التقديم، غذاءٌ ودواء.. وصحة وهناء، لم تمسَّني أيدي البشر.. ولا أخاف من جنون البقر.. معي يشعر الطفل بالأمان.. ويتربى على الحنان.

أمَّا أنت يا مسحوق.. فجيلك جيلُ العقوق.. لا يعرف الحقوق.. ولا يداوي الشقيق.

وقد كان الناس في غابر الزمان.. يبحثون عن نجائب النسوان، ليرضعن الأولاد.. ويعمرن البلاد، فليت شعري! من أين لنا بالبقر النجائب.. وكم في هذا الزمن من العجائب، ولو انتسب أبناء هذا الزمان.. لكان آباؤهم من الرضاعة قطيع الثيران، وأخشى أن يأتي يومُ يستبدل فيه الأطفال ببكاء البشر.. خوار البقر.

ابرأ إلى الله ممَّا صنعت نساء هذا الزمان.. حيث تنازلن عني بالمجان، وتركن ما أعطاهن الله من اللبن هدية، وأصبحت أمهاتٍ بالهويَّة.. فالمرضعات بقرات.

أتقارن الرضاعة من صدر الأم..  بمطاطٍ يوضع في الفم؟!

الأجسام منك منفوخة.. والمواهب ممسوخة، وقد تواترت شكاوى الآباء والأمهات.. من شقاوة الأولاد والبنات، وليس ذلك بعجيب.. ولا بأمرٍ غريب؛ فما كان الهدوءُ طبعاً للثيران.. ولا للبقر حظٌّ من اللطافة والاتزان، ومن كان الثورُ أباً له من الرضاعة.. فسيرث شيئاً من طباعه..!

وأدعوك في الختام يا شقي..  لزيارتي في يومي العالمي؛ لتسمع ما يقالُ عني.. وتعرف أين أنت مني؟!

وبلِّغ سلامي الحار.. لقطيع الثيران والأبقار، وسأبعث لهم بالشكر بطاقة.. وأجمع لهم من البرسيم باقة؛ فهم آباء أكثر أهل هذا الزمان.. ومن عُرف حقَّه فلا يُهان!
شارك :

الحرف الساخر

الحليب

الرضاعة

الرضاعة الطبيعية

اللبن

ساخر

لا تقرأ وترحل .. شارك قول رأيك

0 تعليقات: