يحتفلون
بالحب.. يحددون له يومًا، ويضعون له طقوسًا من الألوان والمظاهر
والهدايا.. فيخلو الأمر غالبًا من مظاهر المحبة، ويصبح مدخلًا للمشاجرات
والتفاصيل حول الهدايا والاهتمام الذي لا يمكن أن يحده يوم.
يحتفلون
بالأم.. وهي التي وهبت العمر كله لأبنائها، فيصبح العطاء لها والاهتمام
بها محدودًا في يوم، يحزن فيه الأيتام، وتحزن فيه من فقدت أحد أبنائها.
يحتفلون
باليتيم.. فيأتي التطبيق كثيرًا مزعجًا ومهينًا.. فيحكي الأيتام عما لاقوه
من حرج في مدارسهم نتيجة التركيز عليهم في هذا اليوم!
ولكن
هذه الأمور وغيرها رغم ما في الاحتفال بها من متاعب وابتداع، إلا أنها في
أصلها قيم وأشخاص ومعاني تسترعي انتباهنا طوال العام.. أما أن يكون للكذب
عيد، واحتفال يُمارسه فيه الجميع فهذا هو العجب العجاب.
أخذ
كثير من المسلمين هذا الاحتفال السقيم عن أوروبا.. والذي يوافق الأول من
شهر أبريل نيسان من كل عام، حيث يتحول الكذب من صفة ذميمة، وذنب عظيم،
ومدخل للشرور والفجور، إلى سلوك مقبول وعادة يمارسها الجميع في أجواء من
الضحك والمرح!
ليس
في الأمر تعنت ولا تشدد، فكم من خسائر، ومتاعب سببها الكذب في هذا اليوم..
وكم من مواقف سخيفة تعرض لها كثيرون فقط ليمرح البعض ويمارسوا الكذب
ويحتفلوا به.
ليس
في المزاح ما يستدعي الكذب، وليس معنى الالتزام بالصدق أننا سنظل متجهمين
مكفهرين، على العكس.. الذكب هو الذي يؤدي لحزن القلوب وتقطع الصلات، وسواد
القلب.
عن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: "إني لا أقول إلا حقا".
وفي كتاب الشمائل للإمام الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول في مزاحه إلا حقا.
البعض
قد يرى الأمر سهلًا وبسيطًا، فماذا سيحدث لو سمحنا بالكذب يومًا واحدًا..
ولكنه لو أدرك عظم إثم الكذب، وتأثيره على القلب وعقوبته، لعلم أنه لا
يُتصور أن يُحتفل بجريمة كجريمة الكذب... فهل يُقبل مثلًا أن يكون هناك
يومًا في العام يُباح فيه الزنا؟.. أو الأذى والضرب؟.. أو قذف المحصنات؟..
أو شرب الخمر؟..
حسنًا
فإن الكذب هو أبغض الأخلاق إلى رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، فعن
عائشة بنت أبي بكر أنها قالت:"ما كان خلق أبغض إلى النبي محمد من الكذب
ولقد كان الرجل يحدث عند النبي بالكذبة فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد
أحدث منها توبة".
ليست
هناك كذبة بيضاء ولا سوداء، الكذب كله أسود، إلا ما استثناه الشرع وهي
ثلاث حالات فقط لا غير: في الحرب- وفي الإصلاح بين المتخاصمين- وفي الكذب
بين الزوجين بغرض التواد والتآلف وليس لإخفاء حقائق أو تدليس في أمور
حياتية.
لا تستهن بالكذب ولو يومًا ولو مرة، قال صلى الله عليه وسلم: "ويل للذي يحدث فيكذب في حديثه ليضحك به القوم ويل له ويل له". رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
لا تقرأ وترحل .. شارك قول رأيك
0 تعليقات: